ملكون ملكون يكتب : كرة القدم في رؤوس الأدباء … “الحلقة الثالثة”
ملكون ملكون
السويد – ستادكم نيوز – الأدباء لم يجلسوا في أبراجٍ عاجية وينظروا من علياء بشيء من الازدراء لطقوس كرة القدم ونجومها ،بل تفاعلوا معها واستعادوا في دواخلهم ذاك الطفل الذي كان يتمرغ في غبار الشوارع وهو يحاول أن يهزم اقرانه بكرة القدم .
غاليانو
في امريكا اللاتينية لا يستطيع الأديب الانفصال عن واقع معاش يحمل شغفاً بلا حدود بكرة القدم، فسهام النقد التي نالت الاديب الأرجنتيني (بورخيس ) لكرهه للكرة لانه لم يجد فيها مسحة جمالية، تحولت لاعجاب وتقدير ليس في الاورغواي فحسب بل في العالم كله للاورغوياني ” ادواردو غاليانو ” الذي أصدر كتاب ” كرة القدم بين الشمس والظل “، والذي يعتبر من أمتع وأجمل ما كُتب عن كرة القدم، ويبدو أن لادباء الاوروغواي قصب السبق في الكتابة عن كرة القدم، وهذا ربما يعود الى ان بطولة كأس العالم انطلقت بنسختها الأولى من الأوروغواي عام 1930، فالأديب الاورغواياني ” روبرتو خورخي سانتورو ” أصدر عام 1971 كتاباً بعنون ” أدب الكرة “، و”ماريو بينديتي ” كتب عدة قصص وقصائد عن الكرة اشهرها قصته “الجناح الأيسر “، وقصيدته عن مارادونا بعنوان ” وقتك الان حقيقة ” .
“غاليانو ” في كتابه الذائع الصيت يفكك تفاصيل اللعبة الشعبية الاولى في العالم بمزيج ادبي قوامه السياسة والتاريخ، ولكنه يعترف في البداية : (( لقد رغبت مثل جميع الأورغوانيين فـي أن أصبح لاعب كرة. وقد كنت ألعب جيدا في الليل فقط، فـي أثناء نومي :أما فـي النھار فأنا أسوأ قدم متخشبة شھدتھا ملاعب الأحياء فـي بلادي، لقد مرت السنوات، ومع مرور الوقت انتھيت إلى القناعة بھويتي:فأنا مجرد متسول أطلب كرة قدم جيدة. أمضي عبر العالم حاملاً قبعتي، وأتوسل فـي الاستادات: لعبة جميلة حباً بالله …. وعندما أرى كرة قدم جيدة، أغبط ھذه المعجزة دون أن يھمني قدر فجلة من ھو النادي أو البلد الذي قدم ذلك اللعب الجيد)).
ويحسب “لغاليانو ” أنه في هذا الكتاب كان أول من نبه للطريقة التي حولت كرة القدم الى “سلعة” راصداً الخطوات التي بدأت منذ عام 1974 لاغتيال رومانسية كرة القدم وتحويلها للتجارة الأكثر ربحاً .
*إعلامي سوري يقيم في السويد – عمل في جريدة الشعب اليومية الأردنية