رونالدو.. أنا هنا
تيسير محمود العميري
من المؤكد أن كلا النجمين الكبيرين، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، شكلا ما يشبه الظاهرة منذ أن بدأ سباقهما على جائزتي “فيفا” و”فرانس فوتبول” لتحديد من هو أفضل لاعب كرة قدم في العالم، ويكفي القول إن اللاعب الكرواتي لوكا مودريتش، وحده من تمكن في العام 2018 من كسر حصار واحتكار كل من “البرغوث” و”الدون” للجائزتين منذ العام 2008 وحتى العام 2019.
استمدت مسابقات الكرة الاسبانية لا سيما “الليغا”، قوتها من وجود هذين النجمين الكبيرين في فريقي برشلونة وريال مدريد، فكانت مباريات “الكلاسيكو” بمثابة “بطولات” بين اللاعبين الأرجنتيني والبرتغالي، لإثبات جدارتهما ونجوميتهما وقدرتهما على إحداث الفارق الفني، وأحقيتهما في المنافسة على الجوائز الجماعية والفردية كافة المتاحة لهما.
فجأة، رحل كريستيانو رونالدو عن مدريد متجها صوب “السيدة العجوز”، لعله يستطيع أن يعيد لها شيئا من “شبابها”، ويسهم مع يوفنتوس في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، بعد أن كان رونالدو ذاته سببا في ضياع الحلم الإيطالي، في مباراة صفقت له جماهير يوفنتوس وهي تشاهده يسجل هدفا ولا أجمل من لعبة خلفية “دبل كيك”، قلب فيها بعد الأمور رأسا على عقب.
لكن رونالدو، وإن تمكن من الاحتفال مع فريق يوفنتوس بلقب “سري أ” في الموسمين الماضيين، الا أنه عجز تماما عن قيادة فريقه صوب المجد الأوروبي، وفشل في تحقيق الطموحات التي أحضر من أجلها، وفي الوقت ذاته اكتشف كثيرون حجم التأثير الذي تركه رحيل رونالدو عن الدوري الاسباني الذي بات يضعف شيئا فشيئا، نتيجة غياب المنافسة التقليدية بين رونالدو وميسي، وإن بقيت كما هي بين برشلونة وريال مدريد، وهذا ما جعل ميسي يصرح يوما بأنه يفتقد تلك المنافسة التي كانت قائمة مع رونالدو.
جاء إعلان ميسي نيته الرحيل عن فريقه الكتالوني بمثابة زلزال بقوة 7 درجات وليس 700 مليون يورو فقط، يطلبها النادي ثمنا لرحيله لكسر الشرط الجزائي، وليستحوذ على كل الأضواء والاهتمام الإعلامي، حتى اتضاح القرار القطعي بشأن وجهة الرحيل إن تمت، أو البقاء في برشلونة في ظل شروط تفرض هيمنة ميسي، ليس على غرفة غيار اللاعبين فحسب، وإنما تمتد إلى مجلس إدارة النادي أيضا.
الاهتمام الإعلامي والجماهيري غير المسبوق بهذا الحجم لذلك النجم ميسي، جعل النجم الآخر رونالدو في وضع وكأنه يقول “أنا هنا” ساعيا إلى لفت الأنظار من حوله، بعد أن تضاءل حجم الاهتمام، ولم يعد كثيرون يسألون فيما إذا قرر رونالدو البقاء مع يوفنتوس أو العودة إلى ريال مدريد أو استحضار تجربة أخرى مع ناد جديد، أو حتى إعلان الاعتزال والاتجاه إلى التمثيل، كما تردد سابقا.
رونالدو أراد أن يحرك تلك المياه الراكدة من حوله، ويسمع العالم صوته بطريقة ما، فأكد أنه رغم بلوغه الخامسة والثلاثين من عمره، الا أنه لم يفقد طموحه ويسعى لتعويض خيبة الأمل الأوروبية، ويريد “غزو العالم” و”تحطيم الأرقام القياسية”، كاتبا في حسابه على موقع “انستغرام”: “فيما أستعد لموسمي الثالث كـ(بيانكونيرو)، روحي وطموحي في أعلى مستوياتهما”.
*الغد