وداعا دييغو…
د. نخلة أبو ياغي
غيّب الموت أسطورة كرة القدم العالمية دييغو أرماندو مارادونا، لكن ذكريات ذلك الزمان الذي عاشه اللاعب الفذ و طبعه بأفعاله و أقواله ستظل خالدة في أذهان معاصريها ما داموا يتذكرون.
كانت الثمانينات فترة زمنية مليئة بالشجن، وجاء مونديال المكسيك ١٩٨٦ كرنفالا من الألوان و الأحداث الصاخبة الجميلة. كانت صور مارادونا في كل مكان، في الدكاكين الصغيرة و على أكياس رقائق البطاطا المقرمشة، و كانت أعلام الدول المشاركة في الاحتفال العالمي تختبئ خلف أغطية زجاجات الكازوز المنعشة. كان صيفا بهيجا يعد بالكثير.
سلب مارادونا لبّ الملايين بفنّه و تميّزه، و قاد بلاده الأرجنتين في البطولة بلا وجل. تحت شمس المكسيك الحارقة شق هذا الفتى القصير طريقه نحو أرفع مجد كروي، و عندما ضربت الأرجنتين موعدا مع انجلترا في ربع النهائي، كانت المواجهة بين الثوار الكادحين و الاستعمار الانجليزي البغيض حاضرة. سجّل مارادونا مرتين، و في الأولى يقال أن يد الله تدخلت، لكن عبقرية الهدف الثاني المذهلة لربما حرّكت عناية السماء الإلهية، فتبسّمت!
مضت البطولة الرائعة إلى النهاية التي تستحق، و عانق دييغو الوعي الجمعي العالمي فأحب الأطفال اللعبة و الأرجنتين و تعلّموا أن قميصا عليه شعار الوطن هو أشرف ما يمكن لأي إنسان أن يرتديه. كان دييغو عنوان كرة القدم في زمن فريد، و من عاش ذاك الزمان أدرك بلا شك أن كرة القدم هي اختزال للانسان و انسانيته، و أن الحياة تشبه كرة القدم.
رحل الرجل القصير العظيم بعد حياة مليئة بالمشاعر الصاخبة. أحبه الجميع، و حتى خصومه اعترفوا بتفرّده، و تعلم الشبان من مآثره و أخطائه. لكن صورته الحية ستبقى إلى الأبد… و كما قال المعلق الرياضي الشهير فيكتور هوجو موراليس واصفا هدفه الأحلى في انجلترا و الدموع تغالبه: ” لتحيا كرة القدم… من أي كوكب أتيت دييغو؟ لتجعل كل البلاد يدا واحدة قابضة تصرخ عاشت الأرجنتين! شكرا لك يا رب على هذا، على كرة القدم، على دييغو، على هذه الدموع…”
وداعا دييغو…