اللياقة البدنية للمواطن
محمد جميل عبد القادر
خبر أثار انتباهي رغم أنه مر مرور الكرام في وسائل الإعلام المختلفة.
الخبر من ولاية البنجاب وهي أهم ولاية في باكستان ويبلغ عدد سكانها 90 مليونا وعاصمتها مدينة لاهور، حيث أصدرت وزارة الداخلية هناك قرارا يتوجب فيه ألا يزيد حجم خصر المنتسبين للشرطة على 78 سم، بعد أن تبين أن 50 % من رجال الشرطة والأمن هناك، يعانون من السمنة المفرطة التي تعيقهم بشكل واضح عن تأدية واجباتهم، التي تحتاج إلى لياقة بدنية وتحمل، خاصة في ملاحقة المجرمين والمخالفين للقانون والسهر والسفر والمتابعة.
وقد أعطت الوزارة مهلة مدتها شهر واحد للمنتسبين لها وعددهم يربو عن 360 ألفا، كي يتخلصوا من حملهم البدني الزائد وإلا فإنهم سيتعرضون للفصل من وظائفهم التي أصبحوا عبئا عليها.
وتبين أن نوع المأكولات التي يتناولونها من أهم أسباب هذه السمنة، حيث تطغى الزيوت على هذا النوع من الطعام، الذي جعل 22 % من المواطنين البنجاب يعانون من السمنة المفرطة، ما زاد عدد المرضى والمصابين بأمراض متعددة، وضاعف هذا الأمر النفقات المالية الصحية بالإضافة إلى انعكاس ذلك على قلة الإنتاج والإبداع.
هناك تساؤل واضح وهو لو قامت جهات متخصصة في أي دولة عربية أو حتى في بعض الدول المتمدنة، بعمل اختبارات ومقاييس دقيقة للياقة البدنية للمواطنين، لوجدنا الغالبية العظمى منهم لا يتمتعون بمواصفات اللياقة البدنية، لأن الرياضة التنافسية والتي لا تمثل في أحسن أحوالها 3 % من عدد السكان، هي التي نراها ونتابعها في وسائل الإعلام، دون إعطاء المواطن العادي الاهتمام المطلوب للحفاظ على صحته ولياقته.
هناك دول تهتم اهتماما استثنائيا باللياقة البدنية والصحية لمواطنيها من خلال البرامج المتعددة للرياضة للجميع بإتاحة الفرصة لكل مواطن مهما كان عمره أو ثقافته أو موقعه، لممارسة نوع من الرياضات المناسبة له وبإشراف خبراء ومختصين، إدراكا بأن صحة المواطن من أهم العلامات المميزة لصحة الوطن ومسيرته وتطوره، لأن الإبداع والإنجاز لا يمكن أن يتما عن طريق الإنسان الضعيف غير المعافى.
أقامت الولايات المتحدة في عهد الرئيس جون كندي في بداية الستينيات، ورشات عمل متخصصة في الاختيارات والمقاييس الحقيقية، اكتشفت فيها أن 80 % من الشعب الأميركي لا يتمتع باللياقة البدنية أو بمعايير اللياقة البدنية الدولية، ما تطلب تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لوضع برامج متخصصة لإزالة هذا الخلل المخيف في صحة المواطن الأميركي.
إن حياتنا المعاصرة حياة متسارعة صعبة تشغل فكر وذهن الإنسان وتستهلك قوته الجسدية أيضا، ما يبعده عن ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة المفيدة لمستقبله الصحي خاصة في مرحلة الكبر، ما يستدعي من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة والمسؤولين عن الرياضة والصحة والبيئة على كل المستويات، دق ناقوس الخطر للحد من تدهور صحة الإنسان، ولذلك قيل “العقل السليم في الجسم السليم”.
*رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية