السعودية ورونالدو.. فوائد تتجاوز المال والبطولات
صالح الراشد
يعلو الصخب في مجالس الوطن العربي ليكون رونالدو الموضوع الوحيد القابل للحديث والحوار، فتعاقد “صاروخ ماديرا” البرتغالي كرستيانو رونالدو مع فريق النصر السعودي “العالمي” مقابل مبلغ مالي ضخم أصبح الحدث والمبتدأ والخبر، ليتم إغلاق الملف القطري والحديث عن كأس العالم وتكلفته الضخمة، فاليوم ليس التوقيت المناسب للحديث عن المونديال حيث خطف رونالدو والنصر البريق وأصبحا حديث الساعة، وفي هذه الجلسات يتم البحث عن إجابات لاسئلة عديدة لا تتًقف، فهل يستحق رونالدو ما سيحصل عليه من مال وفير؟، وكيف سيسترد النصر المبلغ الضخم؟ وماذا سيقدم رونالدو لكرة القدم السعودية؟، ويغادر الجميع على أمل اللقاء في مجلس آخر لطرح نفس الأسئلة والبحث عن إجابات قد لا تشفى صدور الكثيرين.
وللحق ان التعاقد مع النجم البرتغالي “صاروخ ماديرا” لا شأن له بالفوز بالبطولات ولا المنافسة على الألقاب، فرونالدو أصيب بخيبة أمل في هذا الموسم بمغادرته فريق مانشستر يونايتد، وخروج البرتغال المبكر أمام المغرب في نهائيات كأس العالم، مما جعل أخبار اللاعب تنتقل لصفحات متأخرة في الصحف الرياضية العالمية، وهو الذي يملك مئات الملايين من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليكون هذا الموقف غير مقبول للاعب كان دوماً عنوان رئيسي للأخبار، ليسعى بكل جد للعودة كعنوان رئيسي في الأيام الأخيرة من حياة اللاعب.
وهنا وجد كل من رونالدو والنصر السعودي ضالته بالآخر ليعودا للصفحات الأولى، كصاحب أعلى راتب في البشرية ولنادي تفوق على الراغبين بضم اللاعب، ومن لحظة توقيعة على عقد للنصر تحول رونالدو إلى سفير للكرة السعودية والحلم الذي يُطاردها، بتقديم ملف مشترك مع مصر واليونان لاستضافة كاس العالم 2030 أو 2034، كما تحولت الأنظار صوب السعودية المقبلة على فكر ونهج جديدين بالانتقال صوب التطوير والاستثمار في مدينة نيوم، والتي تبلغ كلفتها أكثر نصف ترليون دولار، وسيكون رونالدو جزء من الصورة الإعلانية التي ستستغلها السعودية في الترويج لمجموعة مشاريعها الضخمة، والتي ستحتاج لتسويقها عالمياً إلى شخصيات متعددة لا نستبعد أن يكون الارجنتيني ميسي أحدها في قادم السنوات، والكرواتي مودريتش في القريب العاجل.
لقد أصبح واضحاً تركيز السعودية على نجوم كرة القدم، فاليوم رونالدو وغداً غيره من النجوم على طريق الترويج للسعودية لتحقيق الرؤية الشمولية، وسيحصل هؤلاء على مبالغ مالية ضخمة، لكن الفائدة من وجودهم ستكون أضعاف مضاعفة للمبالغ التي يحصلون عليها، ولا تعادل إلا جزء يسير من القيمة الشمولية لمشاريع تعتبر الأضخم على الصعيد العالمي، وهذا أمر مقبول في عالم التسويق والوصول إلى أسواق عالمية كان من الصعب الوصول إليها، لكن بوجود رونالدو تصبح الطريق أقصر وتقبل رجال الأعمال للاستثمار في السعودية والمنطقة أسهل وأيسر، وهنا تكتمل نظرية التطوير والتسويق وصناعة الصورة الحديثة للمملكة.
وهذا يبرر السؤال الدائم والذي يراود الجميع لماذا رونالدو، لكن إذا عُرِف السبب بطل العجب، فرونالدو يعتبر الشخصية الأكثر متابعة في العالم حيث بلغ عدد متابعيه على الانستغرام وتويتر والفيسبوك والبحث في جوجل قريب من مليار متابع، ليكون ماركة مسجلة في التسويق على صعيد العالم، وهو الدور الذي قام به في أندية مانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس الايطالي، حين رفع من قيمتة الأندية السوقية، وتسبب وجوده في رفد خزانة هذه الأندية بمئات الملايين، وفاق دخلهم عن حجم الانفاق على اللاعب عشرات المرات، ويأمل نادي النصر أن يستفيد من وجوده على جميع الصعد الرياضية والتسويقة وزيادة عدد مشاهدي مباريات الفريق، كما يأمل أن تكون الفائدة شمولية للمملكة.
آخر الكلام:
ستستفيد السعودية من وجود ماركة عالمية في رياضتها للترويج لكرة القدم السعودية، كما ستروج لعاداتها وتقاليدها لتُصدر الصورة السعودية الايجابية للعالم أجمع، وهذه فائدة تتجاوز حدود المال والبطولات.