أبو عريضة يكتب…هل اصبحت كرة القدم ميثالوجيا الشعوب
د .فايز أبو عريضة
تشير الآثار والرسومات القديمة لحضارات مختلفة، والبحوث التاريخية أن الإنسان مارس كرة القدم منذ العصور القديمة بأشكال مختلفة ، ويوكد ذلك علماء االتعلم والتطور الحركي وعلم النفس أن الركل واللقف من الحركات الأساسية للطفل في مراحل تطوره، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك على أنها حركات فطرية تبدأ مع الشهور الأولى للطفولة، ومع تطور الحضارات وصلت إلى ما وصلت إليه في العصر الحديث، وأصبحت تحتل أولية كبرى في حياة الناس مشاهدة وممارسة، واصبح لها إمبراطورية تحكم العالم وتتفوق في صلاحياتها احيانا على مجلس الأمن من خلال ال( FIFA)، وتمتلك الاموال وتسيطر على كل مفاصل اللعبة من خلال اذرعها الإقليمية والوطنية، ولا تستطيع اي جهة حكومية محلية أن تتدخل في شؤون اللعبة، وان حصل ذلك فمصيرها الإيقاف ومنعها من المشاركة في البطولات الاقليمية والدولية ، وقد ترجم ذلك إلى اقتصاد كروي بالمليارات على مستوى العالم، ويتابع كرة القدم الملايين على مدار العام وأصبحت أبرز مظاهر العولمة قبل ظهور المصطلح وتداوله . وفي عالمنا العربي احتلت مكانة خاصة وساهمت الاستثمارات في المرافق وخدمات اللاعبين بعد دخول الاحتراف إلى تطور اقتصادي هائل في هذا المجال، ولكن السؤال الذي يطرح هل السلوك الإنساني خلال فعاليات اللعبة وخاصة في قطاع الشباب يسير في الاتجاه الصحيح؟ نحن نرى ان هناك بعض الظواهر السلبية التي رافقت التطور التكنولوجي الهائل وخاصة في المجال الإعلامي ،وتحديدًا منصات التواصل الاجتماعي والرقمي، مما جعل اللعبة تدخل كل البيوت دون استئذان وانقسم البيت الواحد إلى مدريدي أو برشلوني، وخرج الأمر عن أهدافه المرجوة مما يؤكد أننا باتجاه ما يشاع أن كرة القدم أصبحت أسطورة الشعوب (الميثالوجيا) وخاصة المهزومة منها في غياب انتصارات في مجالات أخرى ( علمية، اقتصادية ,سياسية او عسكرية الخ) منذ زمن، والتي تبحث عن فوز آني ورخيص في مستطيل أخضر لفترة محدودة قد لا يتجاوز تأثيراته ساعات، علما بانه قد توظف اللعبة بشكل يختلف تماما مما هي علية نحو تعزيز العلاقات وتمتين الوحدة الوطنية نحو هدف أسمى من الفوز والخسارة، وهناك نماذج لدول نخرتها الحروب الداخلية بمسميات مختلفة ولسنوات طويلة، ووحدها الفوز في مباراة واحدة في تسعين دقيقه، فهل نبقى أسرى (لمثالوجيا كرة القدم) ام نقفز عنها ونتعامل معها في حدودها، وتتنهي آثارها بعد الصافره الأخيرة وننصرف بهدوء إلى حياتنا اليومية دون تراشق هابط على منصات التواصل الاجتماعي يقوده بعض الجهلة ويستجيب له الأكثر جهلا، ويوظفه الخبثاء لغايات شخصية او لاجندات لبعض هواة الفتنة
*العميد الأسبق لكلية اارياضة بجامعة اليرموك