كتاب (أنا مارادونا ) أنقذت زملائي من القتل بسببي.. وفقراء إفريقيا دفعوا المال من أجلي– الحلقة السادسة
ملكون ملكون
ستادكم نيوز – ساءت النتائج مع بوكا في إحدى فترات الموسم، تعادلنا أربع مرات متتالية، فيرو كاريل كاد ينتزع صدارة الدوري منا.
اقتحم مشجعو بوكا معسكرنا.. شاهدت مسدسات في أيديهم. وتعدى أحدهم على زميلي مونو بيروتي بالركلات.
تدخلت. قلت للمشجع ستحدث له إصابة. فأجابني “هذا ليس شأنك مارادونا”.
رأيت نحو 2000 مشجعا غاضبا، كانوا يريدون ضرب اللاعبين. ما عدا أنا.
قال قائدهم: “هذا مجرد تحذير، سيتصاعد الأمر لو لم تفوزوا بالدوري”.
أخبرته أن هذا الارهاب والضغط لن يساعد. فأجابني “الصحف تتحدث عن غيرتهم منك، لا يريدون تمرير الكرة لك، لا يريدون الركض معك، إذا لم يساعدوك في الملعب سنقتلهم جميعا”.
وأنا في سن الـ20 وقفت أمام الجمهور الغاضب، واكتسبت احترام زملائي بعد أن دافعت عنهم باستماتة، لذا أصبحت قائدا للفريق.
الدوري وكيمبس
منذ ذلك اليوم تغيرت النتائج للأفضل، شكرني زملائي لأنني أنقذت حياتهم، فزنا على منافسنا المباشر فيرو كاريل، ومن ثم توجنا باللقب.
ريفر بليت كان يريد صفقة انتقامية، نجم آخر ليناطحني، أحسنوا اختيار ماريو كيمبس.
طالما كنت معجبا به، أرجنتينوس جونيورز بذل جهدا كبيرا للتعاقد معه في السابق، كانوا يريدوننا سويا في فريق واحد.
هذا شرف لي، قبل ثلاثة أعوام كان كيمبس النجم الأوحد في الأرجنتين وبطل مونديال 78. أضرب به المثل دائما حين ينتقد المدربون اللاعبين أصحاب الشعر الطويل.
بالنسبة لي انتهى جيل 78 بأسوأ طريقة ممكنة، أعتقد أن السبب كان الإنهاك بسبب الكثير من المباريات الودية والسفر لمسافات طويلة لأجل ذلك.
رحلة لا تنسى لإفريقيا
في منتصف 1981 سافرنا الى إفريقيا من أجل جولة ودية.
بدأنا بكوت ديفوار، ثم الى السنغال، لم أجد حفاوة كالتي وجدتها في داكار، المواطنون يتشاجرون مع الشرطة من أجل الوصول لي، كانوا يهتفون بإسمي، كانت لحظة مؤثرة لم أعشها من قبل، عاملونني كملك.
شاركنا في مباراتين وديتين، بوكا حصل على الكثير من الأموال، ونحن أيضا، كل لاعب حصل على 18 الف دولار.
بالطبع لو لم أكن أنا في الفريق لما حصلنا على تلك المبالغ الضخمة، خاصة في إفريقيا الفقيرة.
هذه الرحلة أثبتت لي عدم وجود قيمة للأموال أمام ابتسامة على الوجوه السمراء البريئة.
بيليه لعب مع سانتوس في إفريقيا، لكن لا مجال للمقارنة، الأجواء كانت جنونية مع بوكا، امتلأ الملعب بـ25 الف شخص.
اقترب مونديال إسبانيا 1982.
حصل بوكا على الكثير من الأموال من أجل خوض مباريات ودية، 8 مباريات في 21 يوما مقابل 760 الف دولار.
سافرنا الى الولايات المتحدة واليابان وهونج كونج وماليزيا والمكسيك وجواتيمالا.. كان رقما قياسيا.. لم نكن ننام.
في ودية امام السلفادور في لوس أنجلوس اقترب مني مشجع برازيلي.
قال لي: “أريد أن أصافحك منذ سنوات، أخبرني كارلوس ألبرتو بطل مونديال 70 ، أنه لعب امامك في مباراة بين كوزموس وأرجنتينوس، واعترف بأنه شاهد فتى أرجنتيني سيكون حديث العالم ومصدر الهام للجميع، هذا الفتى هو أنت الآن”.
وداع بوكا
الجدل في تلك الفترة كان بشأن بقائي في بوكا أو قبول أحد العروض المغرية من الخارج.
الوضع الاقتصادي في الأرجنتين كان صعبا.
رئيس بوكا، دومينجو كوريجليانو، قال خلال مؤتمر صحفي إنه سيبذل كل جهده لإبقائي في الفريق.
كنت متواجدا في المؤتمر، وهتفت بأعلى صوت “كو – ري – جليانووو”.
لكن بداخلي كنت أعرف أن بقائي صعب للغاية في بوكا.. دعوت الرب أن تحدث معجزة لكي لا أودع بوكا، لكن الواقع كان يفرض عليّ الرحيل لذا اذا كنت سأرحل، فإنني أفضل اللعب في إسبانيا.
في إسبانيا سيُلعب المونديال، الناس هناك تعشقني، سأكون قريبا من نجوم طالما كنت معجبا بهم.. في الحقيقة، في إسبانيا كانوا يحبونني أكثر من الأرجنتينيين أنفسهم.
مع الوقت كنت أريد أن يعرف الجميع أن “مارادونا ليس ماكينة لإسعاد الناس”.
*إعلامي سوري يقيم في السويد – عمل في جريدة الشعب اليومية الأردنية.