كتاب (أنا مارادونا) سجلت الكثير من الأهداف بيدي..وأردت قتل نفسي في سن الـ11 ..الحلقة الثالثة
ملكون ملكون
ستادكم نيوز-لعبنا مباراة أمام بوكا جونيورز، كنا متأخرين بثلاثة أهداف، نزلت كبديل ونجحنا في التعادل، سجلت هدفا هذا اليوم، مدرب بوكا ذهب إلى مدربي فرانسيس، قال له “أنت محظوظ بمارادونا، إنه فتى رائع”.
عام 1971، وأنا في سن الـ11، سنحت أمامي فرصة خوض بطولة دولية في أوروجواي، كنت سأسافر لأول مرة خارج الأرجنتين، لكن نقص أوراق هويتي حرمني من السفر.. كنت أريد قتل نفسي.
لكن في هذا العام أيضا ظهر اسمي في الصحف لأول مرة، كتبت عني صحيفة (كلارين) أنني نجم موهوب صاعد، لكنهم أخطأوا في كتابة اسمي، كتبوه “كارادونا”، كما ظهرت في برنامج تلفزيوني كانت تشاهده الأرجنتين كلها.
اصطحبني فرانسيس إلى مباراة للفريق الأول لأرجنتينوس جونيورز، بين الشوطين دخلت الى الملعب وسط حشد كبير من الجماهير من أجل استعراض مهارتي في التحكم بالكرة، شعرت بالخجل، لكنني كنت بارعا، المشجعون صاروا يعرفونني رغم عدم علمهم بإسمي.
خسرت مع “لوس سيبوييتوس” نهائي بطولة محلية أمام كوردوبا، بكيت بحرقة، لكن ابن مدرب كوردوبا، الذي كان يلعب للفريق الخصم، اقترب مني وقال “لا تبكي يا أخي..ستكون أفضل لاعب في العالم”..وأراد إعطائي ميداليته الذهبية.
سجلت أهدافا كثيرة.. بيدي
مع سيبوييتوس في إحدى المرات سجلت هدفا بيدي على طريقة “يد الرب”..الفريق المنافس شاهدني واشتكى اللاعبون للحكم، لكنه احتسب الهدف، أثير الكثير من الجدل ، أعرف أن هذا ليس أمرا جيدا، لكنني أقول ذلك ببرودة أعصاب.
وسط سخونة المباراة ورغبتي في الوصول للكرة بأي طريقة.. قد استخدم يدي.
أتذكر في إحدى المرات ألغى الحكم هدفا آخر لي سجلته بيدي أمام فيليز، قبل مونديال المكسيك 86 بسنوات كثيرة، نصحني الحكم بعدم تكرار ذلك، شكرته على النصيحة، لكنني قلت له (لا أعدك بأنني سأتوقف عن ذلك).
ربما احتفل هذا الحكم بهدفي أمام إنجلترا بنفس الطريقة.
ريفر بليت أراد شرائي
لعبت مباراة أمام ريفر بليت، بعدها بأسبوع تحدث رئيس ريفر، ويليام كينت، مع أبي، كان يريد شرائي، لكن أبي رفض، وأكد له أنني سعيد مع أرجنتينوس، ورغم ذلك حاول ريفر بليت التعاقد معي أكثر من مرة بعد ذلك.
أول مباراة وأول صدام مع الحكام:
في عام 1975 كنت على وشك خوض أول مباراة مع الفريق الأول بعد نحو عامين ونصف فقط مع الناشئين، قفز قلبي فرحا حين أخبرني المدرب، بلدتي كلها علمت بالخبر.
استأجر لي النادي شقة، كنت في المدرسة الثانوية، وكنت في حاجة للمال من أجل التنقلات.
شقيقتاي “أنا” و”كيتي” كانتا تساعداني، كل واحدة كانت تسرق المال من زوجها، حتى وفر لي أرجنتينوس راتبا.
تأخرت مباراتي الأولى، بسبب عقوبة سابقة فرضت علي في مباراة فيليز، الحكم كان كارثيا، بعد انتهاء المباراة اقتربت منه وقلت له في سخرية “أنت ظاهرة، يجب أن تحكم مباريات دولية”.
مباراتي الأولى كانت في 1976 أمام فريق تاييريس، كانت أمي تصلي لي، وأبي يراقبني بالملعب، نزلت في الشوط الثاني، قال لي المدرب مونتيس “العب كما أنت معتاد، دون رهبة..مرر الكرة بين أقدامهم كما تفعل” نفذت ما قاله لي، وسمعت تشجيع الجماهير “أولييييه”.
لاحظت قلة المساحات في الملعب، مقارنة بمباريات الناشئين، وكثرة الالتحامات العنيفة، تعلمت سريعا كيف ومتى أقفز وأتجنب العرقلة، والاستمرار بالكرة، كنت قويا بدنيا بفضل الطبيب بالادينو.
خسرت مباراتي الأولى، لكنها كانت بداية حكاية جميلة وطويلة مع أرجنتينوس، لمست السماء هذا اليوم، علمت أن أشياء مهمة ستحدث بعد ذلك.
واصلت اللعب وسجلت أهدافا، كتبت عني الصحف، في غضون ثلاثة أعوام خرجت من نطاق بلدتي الصغيرة فيوريتو حتى صار اسمي منشورا بكل المجلات ويتحدثون عني في التلفزيون.
كان يتعين عليّ أن أنضج سريعا، بكيت كثيرا، وشاهدت حقد الناس حولي، كنت أريد شراء كل شيء بأموالي، لكن مع استمتاعي بتلك اللحظات لم أنس تضحيات عائلتي من أجل تحقيق حلمي.
الانضمام للمنتخب.. بعد 3 أشهر فقط!!
وبنفس السرعة تم اختياري للعب في المنتخب، بعد 11 مباراة فقط مع الفريق الأول.. تقريبا بعد 3 أشهر فقط مع أرجنتينوس!
سيزار مينوتي، مدرب المنتخب الأول، كان يراقبني باستمرار، ويختارني للعب ضد الكبار..باساريلا وكيمبس وباقي الوحوش.
مينوتي أخبرني بأنني سألعب مباراة المجر الودية، ونصحني بالابتعاد عن الصحافة، لكي يجنبني التوتر والضغط.
كنت هادئا وثابتا حتى دخلت ملعب لابومبونيرا، حيث أقيمت المباراة بمعقل بوكا.
وهنا كانت المفاجأة.
احتشد الناس حولي، جميعهم يصرخون ويهتفون بإسمي، كانت أقدامي ترتعش.
نزلت الملعب في الشوط الثاني، مينوتي طلب مني اللعب بشكل طبيعي وبهدوء، الملعب كله كان يهتف “مارادووو.. مارادووو” شعرت بالرعب وانتابتني القشعريرة، لكن زملائي دعموني، اكتسبت الثقة مع الوقت.
انتهت المباراة، وعدت لأشاهد الإعادة في التلفزيون، لاحظت أنني ارتكبت الكثير من الأخطاء، من قال أنني كنت جيدا كان يكذب.
*إعلامي سوري يقيم في السويد -عمل في جريدة الشعب اليومية الأردنية