“الجزيرة” فريق الفرص الضائعة
كتب : علي سعادة
ستادكم نيوز – فتحت استقالة المدير الفني لفريق الجزيرة لكرة القدم أمجد ابو طعيمة على خلفية صعوبات يواجهها النادي فنيا وماليا ورحيل أبرز لاعبي الفريق (الدفعة الثانية) في مقدمتهم أربعة من لاعبي المنتخب الوطني الأردني، جرحا كنا قد اعتقدنا بأنه اندمل وشفي.
النادي الذي يقبع حاليا في منتصف الترتيب في جدول الدوري يواجه خطر الذوبان والتلاشي.
وفتحت الاستقالة وانتقال “الدفعة الثانية” من لاعبي الفريق، الحديث من جديد عن مشاعري كرياضي قديم وعتيق، أحببت كرة القدم من خلال ابن حارتي، احمد خليل ( النادي الأهلي) أحد أكثر لاعبي كرة القدم الأردنية موهبة، وهداف الدوري لعامين متتاليين على ما أظن 1978 و1979، وحرم الأردن من جهوده بسبب إصابته بتليف في العضلات.
وأيضا من خلال زملاء الدراسة الثانوية في مدرسة جبل التاج الثانوية، توفيق الصاحب (الجزيرة) وياسين الشيخ ونهاد البسطامي (الأهلي) وحارس المرمى أحمد دهشان (ناي الجيل الجديد)، وجارنا المرحوم أنور العيساوي (الجزيرة) ونجوم تلك الفترة الدوليين يوهان كرويف وفرانس بيكنباور وآلن سيمونسن وكيفين كيجان وغيرهم.
كان “الفيصلي” و”الجزيرة” الأكثر شعبية في تلك الفترة وكانا يتقاسمان الجمهور الكروي الأردني، كان “الوحدات” وقتها يلعب في دوري الدرجة الثانية وكان يسمى إعلاميا (دوري المظاليم)، قبل أن ينتقل معظم جمهورنا إلى “الوحدات”، ووجدت نفسي بين أصدقاء وأقارب وجيران يشجعون “الجزيرة” فذهبت معهم لحضور أولى المباريات، جلسنا في الدرجة الثالثة طبعا، وعرفت يومها أن فريقنا هم “الشياطين الحمر”، وأحيانا “جزيرة يا عرف الديك” وأظن أننا فوزنا وقتها على “الفيصلي” 1/2 بهدف قاتل سجله لاعب “الفيصلي” أحمد الروسان في مرمى ميلاد عباسي بالخطأ.
أحببت على نحو خاص حسين أبو غثيث وهو بالمناسبة شقيق لاعب “الفيصلي” إبراهيم مصطفى، أبو غثيث كان حكاية جميلة في كرة القدم الأردنية، كان يلقب كيفن كيغان الأردن، لاعب خط وسط من طراز نادر، شعره كان طويلا مثل كيغن، لعب قشاش في بعد الأحيان، ولعب في الهجوم أيضا، ولعب للمنتخب، لكن الإصابة وظروف عمله أنهت مسيرته وهو في قمة نجوميته.
كان “الجزيرة” فريق الفرص الضائعة، فقد امتلك في السبعينيات وحتى أواخر الثمانينيات فريقا ذهبيا ضم نخبة من أبرز نجوم كرة القدم الأردنية والمنتخب لكنه فشل في إحراز الألقاب إلا القليل منها، وهبط إلى الدرجة الثانية أكثر من مرة.
وفي الأعوام الأخيرة شكل “الجزيرة” حالة استثنائية في الكرة الأردنية حين كانت تشكيلته أقرب إلى المنتخب من كثرة اللاعبين الموهيين، لكن الأزمة المالية التي حاصرت النادي لسنوات يتحمل اتحاد الكرة جزء منها دفعت اللاعبين إلى الانتقال إلى أندية أخرى، فقد انتقل أكثر من 10 لاعبين أساسيين (الدفعة الأولى) من “الجزيرة” إلى الأندية الأخرى في فترة أقل من شهرين .
ووجد الفريق نفسه أمام التصفيات الأسيوية ومباراة السوبر الأردني، ونجح بفريق شاب وناشئ بلا غطاء مالي وبرفقة اللاعبين الجدد من البقاء واقفا ومتحديا يداوي جراحه رغم المديونية التي يتحملها النادي والتي تزيد عن مليون دينار، يحاول الصمود وحيدا وكأنه فريق يلعب في دولة أخرى أو كأنه يتبع لاتحاد كرة قدم يقع في مجرة درب التبانة .
ويعتبر “الجزيرة” أول فريق أردني ينافس في الألعاب الجماعية كافة وربما الوحيد (كرة القدم، كرة الطاولة، كرة اليد، كرة الطائرة، كرة السلة، رفع الأثقال، كمال الأجسام، ألعاب القوى.) فضلا عن سلسلة من الألعاب الفردية في مقدمتها كرة الطاولة التي سيطر على ألقابها لنحو 40 عاما.
قد يهبط الفريق (تأسس عام 1947) مجددا إلى الدرجة الثانية، وقد يحل، وقد لا يفوز بأي بطولة، وقد يحدث هذا كله، أو لا يحدث، لكنه بالنسبة لي ولجيلي سيبقى “الشياطين الحمر” رمزا لزمن جميل ورومانسي هتفنا فيه بأعلى أصواتنا لنبيل التلي وحسين ابو غثيث وطالب أزمقنا وتوفيق الصاحب وحلمي طه وكامل منيب وعمر الكيالي وأنور العيساوي ومعتز الريشة وأسعد دعيبس ورفيق جودت وعصام التلي وهاني صبحا ومازن الصغير وفراس القاضي وأكرم داود ورفاقهم.
قال لي ذات يوم الزميل والصديق ورفيق المسيرة خالد الغول (أهلاوي متعصب طبعا) أن فريق الجزيرة أفضل فريق يلعب كرة قدم وأسوا فريق يحقق البطولات . يحمل لقب الدوري 3 مرات، درع الاتحاد 2، كأس الأردن 2، كأس السوبر1. وهو إنجاز قليل في 73 عاما.